نطلقُ هذا الموقع الإلكتروني “حبّ وحياة” “www.hobwahayat.com” في عيد “الحبل بلا دنس” لأمّنا مريم العذراء في 8 كانون الأوّل 2010، لأنَّ التي اختارها الله لتكون أمّاً لابنه هي الرسولة الأولى التي حملت البشارة في جسدها وفي قلبها؛ فكان أن أسرعت لتحمل فرح البشارةِ بزيارتها إلى نسيبتها أليصابات

مريم، هي إمرأة التواصل الجديد بالبشرى السّارة، حملتْها إلى العالم كلّه، وكانت أوّلَ مرسلة تحمل ابن الله يسوع المسيح مخلّص الإنسان. فغدت المرأة الأولى التي عرفت كيف تقول “نعم” لمخطّط الربّ بكلّ تواضع وثقة، واستحقّت الطوبى كما تقول: “سوف تطوّبني جميع الأجيال”. ونحنُ أولادَها، نسيرُ على خُطاها في حملِ البُشرى وكلمة الحقِّ إلى العالم

يقول القديس البابا يوحنّا بولس الثاني: “تجد الكنيسة في وسائل الاتصال عوناً قويّاً لنشر الإنجيل والقيم الدينيّة، وللتشجيع على الحوار وللمشاركة في العمل المسكونيّ والدينيّ، وللدفاع كذلك عن المبادئ الثابتة الضروريّة لبناء مجتمع يحترم كرامة الشخص البشريّ ويهتمّ بالشأن العامّ. فهي تستعملها بطيبة خاطر لنشر معلومات تخصّها ولتوسيع وسائل التبشير والكرازة والتربية، وتعتبر استعمالها استجابة لوصيّة الرب: “إذهبوا في العالم كلّه وبشّروا الخلق أجمع” (مر 16/15). الرسالة الرسوليّة “التقدّم السريع” الفاتيكان 2005، عدد

virgin mary, holy, sacred family-1263016.jpg

الهدف

عندما خلق اللهُ الجنسَ البشريّ، أسّس الزواجَ وأنشأ العائلة. فدعا الرجلَ والمرأة وباركهما لينقلا الحياة ويتعاونان ويكونا جسداً واحداً، ويعيشان في شراكةِ حبٍّ وحياة، برباطٍ من الوحدة لا ينفصم

بما أنَّ العائلة هي خلية المجتمع الأولى، ومستقبل كلّ إنسان يمرُّ عبرها، وبما أنَّ الكنيسة تتكل على بنيانِ العائلة المسيحيّة السليمة بإيمانها وحبّها ومشاركتها في مشروع الله الحياتيّ؛ لهذا أردنا أن نتشاركَ في هذا الموقع الالكتروني عن الزواج والعائلة كجماعةِ “حبّ وحياة” باللغة العربيّة مع كلِّ الذينَ بيحثونَ عن مفاهيمَ وتعاليمَ مسيحيّة واضحة، من أزواجٍ وعائلاتٍ وشبّانٍ وشابّات، وطلاّب جامعات وبحّاثة وأصحاب اختصاص في شؤون الزواج والعائلة، علّنا نلبّي حاجة الناطقين بلغة الضاد حول مفهوم وأهميّة الزواج والعائلة في تربية الإنسان وتطوّره، مستندين في ذلك الى الكتاب المقدسّ وتعليم الكنيسة

إنَّ هدفَنا الأوّل والأسمى هو المساهمة في تمييز مشيئةِ الخالق الذي يُشركُ الإنسانَ في سرِّ المحبّة من خلالِ الزواج والعائلة

كما نسعى إلى

تعريف الناطق باللغةِ العربيّةِ بقيمة الزواج والعائلة وأهميتهما في تنشئة الإنسان
نشر تعاليم الكنيسة المتعلّقة بشؤون الزواج والعائلة
نشر أبحاث علميّة لاهوتيّة، اجتماعيّة، قانونيّة، متخصّصة حول الزواج والعائلة
التعاون مع المؤسسات والجمعيّات والمراكز الّتي تُعنى بشؤون العائلة
العمل على تحقيق كلّ ما يعود بالخير على العائلة، روحيّاً وأخلاقيّاً واجتماعيّاً
تعميم ونشر وتفعيل ودراسة كلّ ما يصدر من رسائل وكُتب ومطبوعات بابويّة
عن المجلس الحبريّ للعائلة وعن اللجنة الأسقفيّة لشؤون العائلة والحياة في لبنان
Previous
Next

فخَلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورتِهِ، على صورتِهِ خلَقَهُ، ذَكراً وأُنثى خلقَهُم .” تكوين 1/27

لأنَّ العائلةَ معبدُ الحياةِ
لأنَّ العائلةَ المسيحيَّةَ كنيسةٌ منزليّةٌ
لأنَّ العائلةَ هي المربيَّةَ الأولى على الإيمانِ
لأنَّ العائلةَ هي المنشِّئَةُ الأولى على الفضائلِ والقيمِ الإنسانيّةِ
لأنَّ العائلةَ هي الخليَّةُ الأولى والأساسيّةُ للمجتمع وللكنيسة
لأنَّ العائلةَ جماعةُ حبٍّ وحياةٍ

لأنَّ الربَّ الإله َ باركَ الزّواجَ
لأنَّ الزواجَ دربُ الحبِّ ومختَبَرُهُ
لأنَّ الزواجَ أساسُ العائلةِ ومبدأُها
لأنَّ الحبَّ هو الدعوةُ الأساسيّةُ لكلِّ كائنٍ بشريٍّ يولدُ بولادَتِهِ
لأنَّ الحبَّ منفتِحٌ دوماً على الحياةِ
لأنَّ الأولادَ علامةُ الحبِّ الزوجيِّ وثمرتُهُ
لأنَّ الأُبُوَّةَ والأمومةَ هما مشاركةُ اللهِ في الخلقِ
لأنَّ الشركةَ الزوجيَّةَ صورةٌ لحياةِ الثالوثِ
لأنَّ الأولادَ ربيعُ العائلةِ والمجتمعِ
لأنَّ العائلةَ مُرادةٌ من الله

حبّ و حياة

  • الحياة
  • الحبّ
أنتَ الذي كوَّنَ كليَتيَّ ونسجتَني في بَطْنِ أُمِّي أحمَدُكَ لأنَّكَ أعجزتَ فأدهشتَ. عجيـبةٌ أعمالُكَ رأتني عيناكَ جنيناً وفي سِفْرِكَ كُتِبَت جميعُ الأيّام. وصُوِّرَت قَبلَ أنْ توجد." مز 136/ 13-16
إنَّ اللهَ هو سيِّدُ الحياة، وللحياة البشريّة قيمةٌ مقدّسة، منذ تكوينِها إلى نهايتها
إنَّ إحدى أهمّ وظائفِ العائلة هي خدمة الحياة، وتحقيق بركة الله، على مدى التاريخ، في نقلِ صورةِ الله من إنسانٍ إلى إنسان ومن جيلٍ إلى جيل. والبشرُ مدعوّون إلى حياةٍ زاخرة تتخطّى حدود وجودهم على الأرض لكونها اشتراكاً في حياةِ اللهِ ذاتِها
الحياةُ البشريّةُ أُوكِّلت إلينا لصونها بطريقةٍ مسؤولة، فنقضي بها إلى كمالِها في الحبِّ وبذلِ الذاتِ للهِ والآخرين
لا يحقُّ لأيِّ أحد أو سُلطةٍ تدمير الحياةِ البشريَّة، لأنَّ كلَّ إنسانٍ مخلوقٌ على صورةِ اللهِ ومِثالِهِ. فلهذا لا يمكن لأيّ وسيلةِ قتلٍ أن تُبرّر أكان الإجهاضِ قبل الولادة، أو القتلِ الرحيم قبلَ الموتِ الطبيعي، لأنّ كلاهما انتهاكٌ خطيرٌ لشريعةِ اللهِ. يقولُ الربُّ : "أنا أُميتُ وأُحيي" تث 32/39
العائلة هي حرمُ الحياةِ
الحبُّ، بلا ريب، هو أعظمُ وأجملُ شيء في العالم
أن تحبَّ شخصاً هو أن تريدَ لهُ الخير. أن تُحبّ هو أن تُعطي وتبذُل وتفرح وتُشارك وتنمو وتكبر مع الآخر
الحبّ هو أن تُنشد مع الحبيبِ نغمةَ السعادة ولأجله تتخطّى التحدّياتِ والصعاب
تغنّى الإنسانُ منذُ البدءِ بهذهِ العلاقةِ السامية، فكتبَ سفرُ نشيد الأناشيد: "حبيبي لي وأنا لهُ (نش2/16) و"الحبُّ قويٌّ كالموت" (نش 8/6)، وأيضاً "المياهُ الغزيرةُ لا تستطيع أن تُطفئ الحبَّ والأنهارُ لا تغمرهُ." نش 8/7
الحبُّ هو العطيّةُ التي تُميّزُ البشرَ عن كلِّ الكائناتِ الأُخرى. وقد خصّ بها اللهُ الإنسانَ منذُ البدءِ، لأنّهُ خلقهُ على صورتهِ كمِثالِهِ، فكانَ أن أعطاهُ هبةَ الحبِّ "لينموَ ويكثرَ ويملأ الأرض" تك1/28
الحبُّ يحقِّقُ المشاركة، ويسعى إليها في الحياة والتواصلِ والعطاءِ والتضحيةِ فتكونَ مشاركةً تامَّةً
الحبُّ يحقِّقُ المشاركة، ويسعى إليها في الحياة والتواصلِ والعطاءِ والتضحيaوهكذا كما أحبَّنا اللهُ، علينا أن نحبّ. يقول الرسول يوحنّا: "وإنّما عرفنا المحبّة بأنَّ المسيحَ قد بذلَ نفسَهُ في سبيلِنا." 1يو3/16ةِ فتكونَ مشاركةً تامَّةً
والحبُّ بين الرجلِ والمرأةِ عطيّةٌ رائعة يجب أن تنمو بالصدقِ والثقةِ والعطاءِ، بعيداً عن الأنانيّة، فتعطي ثماراً طيّبةً وتصيرَ مصدرَ حياةٍ جديدةٍ وتتكوّن العائلة. إنّهُ أمرٌ مقدّسٌ يفوقنا سموّاً
والزواجُ هو دربُ الحبِّ ومختبره، لأنَّ الحبَّ الزوجيَّ في أصالتِهِ هو صورةٌ لمحبَّةِ الله للبشريّة: هو حبٌّ صادقٌ ووفيٌّ، لا رجوعَ عنهُ، هو حبٌّ مجّانيّ وغير مشروط
وكما علّمنا ربُّنا وإلهُنا يسوع المسيح:" ليسَ لأحدٍ حُبٌّ أعظَمَ مِنْ أنْ يبذلَ نَفسهُ في سَبـيلِ أحبّائِهِ." يو15/13

شفعاء الموقع

حياة البابا يوحنّا بولس الثاني 1920- 2005

وُلدَ كارول جوزف فويتيلا (الّذي أصبح فيما بعد البابا يوحنّا بولس الثاني عند اعتلائه الكرسيّ الرسولِيّ في تشرين الأوّل 1978) في 18 أيّار 1920 في مدينة فادوفيتش الصغيرة الّتي تبعد 50 كلم عن كراكوفيا في بولونيا. هو صغير الأولاد الثلاثة لكارول فويتيلا وإيميلي كاشروسكا. توفّيت والدته سنة 1929. وتوفّي أخوه إدموند الّذي كان طبيبًا سنة 1932، ثم أبوه الّذي كان ضابطًا في الجيش سنة 1941. وكانت أخته أولغا قد توفّيت قبل ولادَتِهِ. اقتبل كارول سرَّ المعموديّة على يد الأب فرنسيس زاك في 20 حزيران 1920 في كنيسة فادوفيتش الرعائيّة، حيث تناول أيضًا القربانة الأولى في سنته التاسعة ونال سرّ التثبيت عند بلوغه الثامنة عشرة. وحين تخرّج من مدرسة مارسن فادوفيتا في فادوفيتش، دخل جامعة جاجلّون (Jagellon) في كراكوفيا عام 1938 و مدرسة التمثيل. لَمّا أغلَقت قوّاتُ الاحتلال النازيّ أبوابَ الجامعة سنة 1939 كان على كارول الشاب أن يعمل في مقلع حجارة (1940-1942) ثمّ في معمل سولفاي الكيميائِيّ ليكسب عيشه ويتجنّب ترحيلَهِ إلى ألمانيا. شعر بدعوتِهِ الكهنوتيّة سنةَ 1942، فبدأ دوراتٍ في إكليريكيّة كراكوفيا، حيث كان رئيس الأساقفة الكاردينال آدم ستيفان سابياها يُعلّم سِرًّا. وكان يُتابع في الوقت نفسه نشاطه الفنّيّ سِرًّا، ضمن “المسرح العاطفيّ”. بعد الحرب العالميّة الثانية ، واصل دراسته في معهد اللاهوت الرئيسيّ في كراكوفيا، إذ أُعيدَ فتحُه ، وكلّيّة اللاهوت في جامعة جاجلّون. سيم كاهنًا بوضع يد المطران سابياها رئيس أساقفة كراكوفيا في تشرين الثاني 1946

Pope John Paul II

القديسة جانّا بيريتا مولاّ 1922-1962

وُلدت جانّا بيريتا مولاّ في ماجِنتا (ميلانو) في 4 تشرين الأوّل سنة 1922. تلقّت منذ صغرها تنشئة مسيحيّة على إيمانٍ عميق من والديها التقيّين. وهكذا اختبرت الحياة كهديّة رائعة من الله ، وكان إيمانها بالعناية الإلهيّة قويًّا كَما كانت مقتنعة جدًّا بضرورة الصلاة وفعاليّتها. كرّسَتْ نفسَها للعِلم خلال السنوات الدراسيّة الثانويّة والجامعيّة وكانت تعيشُ إيمانَها المسيحي من خلال الخدمة الرسوليّة بين شبيبة العمل الكاثوليكيّ والأعمال الخيريّة مع الفقراء والعجزة كعضوٍ في “جمعيّة القدّيس منصور”. بعد حصولِها على شهاداتٍ في الطبّ والجراحة من جامعة بافِيَّا سنة 1949، فتحت عيادة طبيّة في مسيرو (قرب ماجِنتا) سنة 1950. ثُمَّ تخصّصت في طبّ الأطفال في جامعة ميلانو سنة 1952 وبعدها اهتمّت اهتمامًا خاصًّا بالأمّهات والرضّع والمسنّين والفقراء. اتّخَذَت الطبَّ “رسالةً” وتفانت في سبيل رسالتها، من دون حساب، للخدمة المسيحيّة خصوصًا بين “الصغار جدًّا”. أحبّت جانّا عمل الله وكانت تُمجّده في الطبيعة وتشعر بفرحٍ كبيرٍ عندما تتزلّج وتتسلّق الجبال. تزوّجت في 24 أيلول 1955 واجتهدت في القيام بواجباتها كطبيبة وأمّ. وفي سنة 1961، عند حبلِها الرابع، اختبرت جانّا سرَّ الألم، لكنّ هذا لم يمنعْها من الثقة بمشيئة الله والاتّكالِ على عنايتِهِ.  بصلاتها وصلاة الآخرين ، تأمّلت بدعوتِها الّتي اعتبرتها هبة من الله. وقد اختارت رسالة الزواج التي عاشتها بحماسة وتفانت كُلِّيًّا لإنشاء عائلة مسيحيّة

القدّيسان لويس مارتان - 1894-1823
وزيلي مارتان - 1831-1877

في التاسِعَ عَشَرَ من تشرينَ الأَوَّلِ 2008، كانَ تطويبُ الزوجينِ لويس وزيلي مارتان، وقد تزامَنَ ذلكَ مع ذكرى مرورِ مئةٍ وخمسينَ عامًا على زواجِهما الّذي حَصَلَ في 12 تَمّوز 1858 في كنيسةِ سيّدةِ ألِنسون، وتحديدًا عندَ منتَصِفِ الليلِ. أَمّا التطويبُ فَكانَ في بازيليك القديسةِ تريزيا في ليزيو- فرنسا، بَعْدَ اجتراحِهما أعجوبَةً قَضَتْ بشفاءِ طِفلٍ إيطاليٍّ يُدْعى Pietro Schiliro ، وهو الآنَ بصحَّةٍ جيّدَةٍ ولهُ مِنَ العُمْرِ سِتُّ سَنواتٍ. في هذه المناسبةِ تحضُرُنا شخصيةُ لويس مارتان وهو شابٌّ ممشوقُ القامَةِ، وسيمُ الطلعَةِ، يَرْغَبُ في أَنْ يُصْبِحَ راهِبًا، لكنَّهُ لَمْيُقْبَلْ في ديرِ القِدّيسِ برنردوسَ لِجَهْلِهِ اللغةَ اللاتينيةَ. وتحضُرُنا بالمقابِلِ شخصيَّةُ الفتاةِ الجذّابةِ زيلي، الّتي هي أيضاً كانَتْ ترغَبُ في أَنْ تُصْبِحَ راهبَةً من راهِباتِ القِدّيسِ منصورِ دي بول مؤسِّسِ راهباتِ المحبَّةِ

لَكِنَّ الأُمَّ الرئيسةَ رفضتها بِلُطْفٍ قائلةً لَها: ” إِنَّ اللهَ لا يَدْعوكِ إلى الحياةِ الرُّهبانيَّةِ”. وشاءَتِ الظّروفُ أن يتلاقى لويس وزيليلأَوَّلِ مرَّةٍ على جِسْرِ سان ليون في مدينةِ ألِنسون. لويس ساعاتي وبائِعُ حُلًى، وزيلي صاحِبَةُ مَشْغَلِ دانتال. ثُمَّ قَرَّرا أَنْ يعيشا معاً تحتَ سَقْفٍ واحِدٍ، وكانتِ ال(نَعَمُ) التي قالَها كُلٌّ منهما في 12 تَمّوز 1858 في كنيسةِ السيّدةِ العذراءِ مريمَ في ألِنسون، بدايةَ رِحْلَةِ القداسةِ والحياة الزوجية والعائليَّةِ. هو مميَّزٌ بالانتباهِ الواعي وحسنِ التدبير، وهي مميَّزةٌ بالديناميكيّةِ واللطافةِ المحبّبَة .رُزِقَ الزوجانِ بتسعَةِ أولادٍ سَبْعِبَناتٍ وصبيّيْنِ، لَكِنْ لمْ يَبْقَ منهم على قيدِ الحياةِ سوى خمسِ بناتٍ دَخَلْنَ الديرَ بأجمَعِهِنَّ حَيْثُ تَكَرَّسْنَ مُحَصَّناتٍ لِخدمةِ الرَّبِّ

جديدنا وأخبارنا

مواضيعنا

للإستفسار أو المزيد من المعلومات

© حب وحياة ٢٠٢١

العائلة والبابا يوحنا بولس الثّاني

العائلة والبابا يوحنا بولس الثّاني

 

مقدّمة

وضع البابا يوحنا بولس الثّاني العائلة في صلب رسالته، منذ اللّحظة الأولى لتولّيه السدّة البطرسيّة. فشدّد عل أهمّية دور العائلة في حياة كلّ إنسان، مبيّناً أنّها هي الخليّة الأولى والأساس لكلّ مجتمع وهي طريق الكنيسة.

      فرضت شخصيّة يوحنا بولس الثّاني الكاريزماتيّة ذاتها على التّاريخ المعاصر وأحداثه على مدى 27 سنة غنيّة بالمآثر، سخيّة بالعطاءات، زاخرة بالمواقف والمبادرات.

عرف كيف يلتقط المناسبات العالميّة، وأحسن قراءة علامات الأزمنة ليجيّرها لصالح الكنيسة والإنسان وبخاصّة العائلة.

أدخل الكنيسة في الألف الثّالث إلى مجموعة من الوثائق والتعاليم، قوامها المسيح والإنسان، وركّز على دور العائلة وأهمّيتها في تنشئة الإنسان. حاور أبناء عصره في رحلاته الرسوليّة التي فاقت المئة، ولقائه رؤساء الكنائس والدول والأديان. وخاطب العائلات، حاملاً إليهم جميعاً كلمة المسيح فادي الإنسان ورجاء كلّ عائلة، في زمن تمرّ العائلات في صعوبات وتحدّيات متعدّدة، طغت عليها النظرة الماديّة والإباحيّة وتقدّم التكنولوجيا، ومفهوم الحريّة والجنس والحب، كلّ ذلك على حساب القيم والروح والأخلاق.

في 22 تشرين الأوّل 1978 قال في روما الكلمة الشهيرة “لا تخافوا” وردّدها على مسمعِ العالم، ولبنان، وقالها أيضاً إلى كلّ إنسان وقالها أيضاً الى كل العائلة.

وفي رسالة رعائيّة بعث بها إلى الكنيسة والعالم بعنوان ” فادي الإنسان” والتي وقّعها في 4 آذار سنة 1979 من السنة الأولى لحبريّته قال: “فادي الإنسان المسيح يسوع هو محور الكون والتاريخ: إليه يتّجه منّا العقل والقلب في هذه الحقبة الفريدة من نوعها من الزمن التي تمرّ بها الكنيسة والعائلة البشرية جمعاء”[1].

لم يوفّر البابا يوحنا بولس الثّاني مناسبة، إلاّ وذكّر الجميع بسموّ قيم العائلة وروعتها موضحاً أنّ ابن الله الذي صار إنساناً وجد الحنان وتربّى وكبُرَ في كنف عائلةٍ إنسانيّة.

إنطلق البابا يوحنا بولس الثّاني من دعوة الله للإنسان منذ البدء، “عندما دعاه إلى الوجود حبّاً به، دعاه في الوقت عينه إلى الحبّ [ …. ] فالحبّ إذاً هو الدّعوة الأساسيّة لكلّ كائن بشريّ يولد معه عندما يولد”[2].

“ويقرّ الوحي المسيحيّ طريقتين خاصّتين بتحقيق دعوة الشخص البشريّ، بكلّيته، إلى الحبّ، وهما الزواج والبتوليّة، وكلاهما يجهر بطريقة خاصّة، بحقيقة الإنسان السامية، حقيقة كونه “مخلوقاً على صورة الله”[3].

 

1-مقابلات نهار الأربعاء العامة

أطلق يوحنا بولس الثّاني، وبعد سنة تقريباً من حبريّته، تعاليمه حول الحبّ والزواج والعائلة، من خلال مقابلاته العامّة كلّ نهار أربعاء، مع الشعب، وذلك لمدّة خمس سنوات 1979-1984، وقد بلغت 129 مقابلة، مؤسّساً بذلك تعليم الكنيسة الجديد حول لاهوت الجسد والزواج والعائلة، موضحاً غير مرّةٍ أنّ العائلة هي من صلب رسالة الكنيسة واهتمامها.

هذه التعاليم حول الحبّ البشريّ: “رجل وامرأة خلقهما” تعاليم تدور حول ثلاثة محاور أساسيّة: الخلق والفداء والمجد النهائي وهي مقسّمة إلى 6 حلقات:

1- الحلقة الأولى: “في البدء” في البدء لم يكن هكذا” (متى 19/3…)

2- الحلقة الثانية: الخلاص بالقلب: “يا بني أعطني قلبك”. (متّى 5/27-28)

3- الحلقة الثالثة: قيامة الجسد – الصدّوقيون: يقولون بأنّه لا قيامة – “ففي القيامة لأيّ من السبعة تكون المرأة” (متى 22/24-30)، فلا الرجال يتزوّجون ولا النساء يُزَوَّجْنَ” (مرقس 12/25)

4- الحلقة الرابعة: البتوليّة المسيحيّة، لأجل ملكوت الله، “وهناك خصيان خَصَوا أنفسهم من أجلِ ملكوت السموات”(متى 19/12)

5- الحلقة الخامسة: الزواج المسيحيّ: “هذا السرّ لعظيم” (أفسس 5/22-33)

“أما قرأتم أنّ الخالق منذ البدء جعلهما ذكراً وأنثى” (متى 19/4).

6- الحلقة السادسة: حبّ وخصوبة: استند البابا الى الارشاد الرسولي “في الحياة البشريّة” رقم 11-12، مركزاً على العلاقة التي لا تنفصم بين الاتحاد والإيلاد.

إنه تعليم جديد حول الحب الانساني الذي ينطلق من الشخص البشري في حقيقة أنّ الانسان هو

جسد وروح ونفس.

ففي الزواج الذي هو أساس العائلة، تَتِمُّ هبة الذات بكامل حقيقتها وبخيارٍ حرّ وواعٍ، والذي يرتضي فيه الرجل والمرأة، بموجب ما، إرادة الله لهما، من اشتراكٍ حميم في العيش والحبّ.

 

2- سينودس أساقفة وإرشاد رسولي حول العائلة

بعد سنتين فقط من تولّيه سدّة البابويّة، يدعو البابا يوحنا بولس الثاني إلى انعقاد مجمع أساقفة في تشرين الأوّل 1980 لدرس أوضاع العائلة المسيحيّة في العالم ، وذلك دليل على اهتمام الكنيسة العميق بالعائلة. كما وأنّ الكنيسة تضع ذاتها في خدمة كلّ إنسان يهمّه مصير الزواج والعائلة.

“إنّ مستقبل البشريّة يتوقّف على العائلة”[4]. هذا القول الذي ردّده قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني مراراً، ينمّ عن قلق وعن أمل معاً كامنين في فكر قداسته وقلبه عندما وجّه إرشاده الرسوليّ هذا “في وظائف العائلة المسيحيّة في عالم اليوم” بتاريخ 22 تشرين  الثّاني 1981 في أعقاب مجمع الأساقفة.

هذا الإرشاد يتضمّن أربعة أقسام نستخلص منها بشكل موجز هذه الأفكار الأساسيّة حول دور العائلة المسيحيّة.

‌أ-     العائلة هي شركة أشخاص: دائمة لا تنحلّ، بين رجل وامرأة، يربطهما سرّ الزواج المقدّس ويعيشان بأمانة واقع الشراكة ساعيَين لتطويرها لتصبح أصليّة.

‌ب-العائلة في خدمة الحياة: في نقلها وتربيتها، فالزوجان متعاونان في محبّة الله الخالق، ومن واجبهما وحقّهما تربية أولادهما، فهما المربّيان الأوّلان والرئيسان لأولادهما.

‌ج- بما أنّ العائلة هي خليّة المجتمع الأولى والحيّة التي تساهم في تطوير المجتمع، فهي المكان الذي يولد فيه المواطنون، وهي أوّل مدرسة للفضائل الإجتماعيّة، ولها يعود الدور المسؤول في تطوير المجتمع.

‌د-    العائلة تشارك في حياة الكنيسة ورسالتها، فهي تؤمن وتنشر الإنجيل. تقيم الحوار مع الله، وتقوم بخدمة الناس. هي “كنيسة بيتيّة صغرى”. فعلى مثال الكنيسة الكبرى تبشّر بالإنجيل وتواصل التربية على الإيمان.

هذا الإرشاد يوضّح للبشريّة تعليم الكنيسة فيما يختصّ بالزواج والعائلة، يذكّر المؤمنين بما هو أساس وينبوع هذا التعليم، أعني المشيئة الإلهيّة وما يقصده الله ويخطّطه للزوجين وللوالدين وأولادهم، فيقول: “إنّ الكنيسة، وقد استنارت بالإيمان الذي يفهمها كلّ الحقيقة المتعلّقة بما للزواج والعائلة من قيمة غالية ومعنى عميق، لتشعر مجدّداً بالحاجة الملحّة إلى أن تبشّر بالإنجيل أي “بالخبر المفرح” جميع الناس دونما تمييز وخاصّة المدعوّين إلى الزواج الذي يستعدّون له، وجميع الأزواج وجميع الوالدين في العالم”[5].

وقد جاء في طلبه من كلّ إنسان أن يهتم بالعائلة: “من اللازم، إذن، وبصورة ملحّة، أن يلتزم كلّ إنسان ذي إرادة صالحة بواجب المحافظة على ما للعائلة من قيم سامية، ويعمل على تطويرها”[6]. البابا يترك هذا الإرشاد بين يدي الجميع كوديعة أساسيّة.

وينهي قداسة البابا هذا الإرشاد: “في وظائف العائلة المسيحيّة في عالم اليوم” بكلمات توجيهيّة حارّة حيث يقول:

“إنّا، إذ نختم هذا الإرشاد الرسولي، نتّجه إليكم بعاطفة المحبّة، أيّها الأزواج، ويا آباء العائلات وأمّهاتها، إليكم أنتم، أيّها الشّبّان من كلا الجنسين، الذين يتوقّف عليكم مصير الكنيسة والعالم ويًعقد عليكم أملهما، أنتم الذين ستكونون من العائلة النّواة الأساسيّة النابضة بالحياة والنشاط، على مشارف الألف الثالث”[7].

ولكي يكون هناك تهيئة للأشخاص على المستوى المطلوب للإهتمام براعويّة العائلة أنشأ البابا يوحنا بولس الثّاني “المعهد الحبري للدراسات حول الزواج والعائلة” سنة 1982 من أجل التنشئة اللاهوتيّة والفلسفيّة والعلميّة والراعويّة والخلقيّة في حقل الزواج والعائلة، مركزه جامعة مار يوحنّا اللاتران الحبريّة في روما، وأصبح له اليوم عدّة فروع في العالم، ومن بينها لبنان في جامعة الحكمة – بيروت.

يحثّ قداسة البابا الجميع للإهتمام بالعائلة وبخاصة الأساقفة والكهنة والشمامسة، حيث يقول: “أبرز من يهتمّ بالشأن الرعوي العائلي في الأبرشيّة، إنّما هو الأسقف [ …. ] وليُعنَ عناية خاصّة بأن يجعل من أبرشيّته، يوماً بعد يوم عائلة حقيقيّة ومثلاً وينبوع رجاء للعديد من العائلات المنتمية إليها”[8].

ويأتي إنشاء “المجلس الحبريّ للعائلة” سنة 1982 من قبل البابا ليعزّز هذه الغاية وهي “أن يكون دليلاً على الأهمّيّة التي تعلّقها على العناية الرّاعويّة بالعائلة في العالم، وأن يكون، في الوقت عينه، أداة فعّالة لتطوير هذه العناية على جميع المستويات”[9].

ومن بين الإهتمامات التي خصّ بها العائلة صدور “شرعة حقوق العيلة”، يقدّمها الكرسيّ الرسوليّ لجميع الأشخاص والمؤسّسات والسلطات المعنيّة برسالة العيلة في عالم اليوم.

“إنّ الأسرة، كشركة حياة وحبّ، هي واقعٌ اجتماعيٌّ عميق الجذور، وبطريقة فريدة من نوعها، جماعةٌ سيّدةٌ مطلقة، وإن كانت من نواحٍ كثيرةٍ مقيّدةٍ بشروط. إنّ تأكيد سيادة المؤسّسة – الأسرة وواقع ارتباطاتها الكثيرة يقودان إلى التحدّث عن حقوق الأسرة. وبهذا الشأن، أصدر الكرسيّ الرسوليّ، في العام 1983، شرعة حقوق الأسرة التي لا تزال تحافظ على كلّ واقعيّتها.

إنّ حقوق الأسرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان. في الواقع، إذا كانت الأسرة شركة أشخاص، فإنّ إشراقها منوط، بطريقة معبّرة، بالتطبيق العادل لحقوق الأشخاص الذين يؤلّفونها”[10].

 

3- الإصدارات: إرشادات ورسائل

ومن بين المراجع والخطابات والمواقف والنداءات كان أيضاً للبابا يوحنا بولس الثّاني عدّة رسائل وإرشادات حول الزواج والعيلة والشباب والمرأة، والأطفال والمسنّين والشباب والدفاع عن الحياة في كلِّ مراحلها، حيث أصدر:

‌أ-     رسالة رسولية: “الىجميع شباب العالم”، 1985، في مناسبة السنة العالمية للشباب.

‌ب-رسالة رسوليّة: “كرامة المرأة”، 1988، في مناسبة السنة المريميّة.

‌ج- إرشاد رسولي: “تألّق الحقيقة”، 1993 حول بعض القضايا الأساسيّة المتعلّقة بتعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة في الأخلاق.

‌د-    رسالة “الى الأولاد”، 1994، في مناسبة السنة العالميّة للأسرة.

‌ه-     “رسالة إلى الأسر”، 1994، في مناسبة السنة العالميّة للأسرة.

‌و-   “رسالة “الى النّساء”، 1995، في مناسبة إنعقاد المؤتمر العالميّ الرابع حول المرأة في بكين.

‌ز-   رسالة عامة، “إنجيل الحياة”، 1995.

‌ح- رسالة “الى المسنّين”، 1999.

هذا الكمّ من الرسائل والتعاليم يدلّنا إلى أيّ مدى كان البابا يوحنا بولس الثّاني يحمل همّ العائلة، ويريد من الجميع أن يساهموا في بناء هذه المؤسّسة الجوهريّة والدفاع عنها.

من خلال رسائله يعلّمنا أنّ العائلة هي المدرسة الأولى للحياة والإيمان، مدعوّة لتربية الأجيال الجديدة على القيم الإنسانيّة والمسيحيّة.

يحدّثنا عن أوّليّة وأهمّية العائلة، إذ إنّها الطريق الوحيدة على الإطلاق التي لا يستطيع الكائن البشريّ أن يحيد عنها. فالأسرة البيتيّة هي رمز أو تصغير “للأسرة البشريّة” التي نتحدّث عنها عندما نشير إلى مجموعة البشر الذين يعيشون في العالم.

إنّ ابن الله، الإبن الوحيد يسوع المسيح، دخل تاريخ البشريّة من خلال العائلة، لأنّه هو نفسه اختارها ليولد ويترعرع فيها. وهكذا، فلسرّ تجسّد الكلمة الإلهيّ علاقة وثيقة بالأسرة. ومن هنا ترى الكنيسة أنّ خدمة العائلة هي من مهمّاتها الجوهريّة، وبهذا المعنى تقوم “طريق الكنيسة” على الإنسان والأسرة معاً.

دافع عن الحياة بكلّ قوّة وقال: إنّ العائلة هي “حرم الحياة”، والحياة مقدّسة، فهي تنعم بحضانة منقوشة منذ البدء، في قلب الإنسان وفي ضميره. “فالإجهاض المفتعل قتلٌ متعمّدٌ ومباشر، أيّاً كانت طريقته، يستهدف كائناً بشريّاً لا يزال في الطّور الأوّل من وجوده، في الفترة ما بين الحمل والإنجاب”[11] ، وقف البابا موقف المدافع الشجاع عن حياة الإنسان ضدّ كلّ القوانين التي تستبيح قتله عمداً، حيث نوّه بأنّ “الإجهاض والقتل الرحيم هما إذاً من الجرائم التي لا يجوز لأيّ قانون بشريّ أن يدّعي تشريعها. مثل هذه القوانين لا تُلزم الضمير، لا بل تحمّل المواطنين واجب التصدّي لها، بالإعتراض الضميريّ، وهو واجب خطير ودقيق”[12]. الحياة بالنسبة لقداسة البابا مقدّسة ومهمّة في كلّ مرحلةٍ من مراحل العمر، ولا تفقد شيئاً من كرامتها إذا تعرّضت لحالات المرض والشيخوخة أو كانت ما تزال في بدايتها. وذلك أنّها تُفهَم بالعودة الحصريّة إلى الإنسان، بل باتّصالها بخالقها.

 

2-الأيّام العالميّة للعائلة

أعلنت الجمعيّة العموميّة في منظّمة الأمم المتّحدة في قرارها رقم 237/74، الخامس عشر من أيّار اليوم العالميّ للأسرة La journée internationale des famillesوذلك يوم 20 أيلول سنة 1993، كما أعلنت سنة 1994 “السنة العالميّة للعائلة”.

لاقت هذه المبادرة ترحيباً كبيراً لدى الأب الأقدس البابا يوحنا بولس الثّاني، وقد انتهزها قداسته فرصة ليعلن مشاركة الكنيسة في هذه المبادرة فأطلق الأيّام العالميّة للعائلات.

يجري اللقاء العالميّ للعائلات كلّ ثلاث سنوات في المدينة التي يختارها قداسة البابا. قد أسّسه خادم الله البابا يوحنا بولس الثّاني من أجل الإحتفال بالعطيّة الإلهيّة التي هي العائلة، معتبراً أنّ “مستقبل البشريّة يمرّ بالأسرة” “L’avenir de l’humanité passe par la famille” (Fc 86).

وأتت اللقاءات على الشكل التالي:

1- اللقاء العالميّ الأوّل للعائلات في إيطاليا – روما – في إطار السنة العالميّة للعيلة، 8-9 تشرين الأوّل 1994.

2- اللقاء العالميّ  الثّاني للعائلات – البرازيل، ريو دي جنيرو، 4-5 تشرين الأوّل 1997 العنوان: العائلة، هبة والتزام ورجاء للبشريّة.

3- اللقاء العالميّ الثالث للعائلات – إيطاليا، روما – في مناسبة السنة اليوبيليّة المقدّسة 14-15 تشرين الأوّل 2000.

العنوان: الأولاد ربيع العائلة والمجتمع.

4- اللقاء العالميّ الرابع للعائلات – الفيلبّين – مانيلا – 25-27 كانون الثّاني 2003

العنوان: العائلة المسيحيّة: بُشرى سارّة للألفيّة الثالثة”.

5- اللقاء العالميّ الخامس للعائلات – إسبانيا، فالنسيا، 1-9 تموز 2006

العنوان: نقل الإيمان في العائلة.

6- اللقاء العالميّ السادس للعائلات في المكسيك، 16-18 كانون  الثّاني 2009.

العنوان: العائلةُ منشِّئة على القيم الإنسانيّة والمسيحيّة.

7- اللقاء العالميّ السابع للعائلات سيكون في إيطاليا – ميلانو 2012.

العنوان: العائلة، العمل والعيد.

خاطب البابا يوحنا بولس الثاني كل عائلات العالم، ذهب إليهم حاملاً الرجاء المسيحي لكل فرد ميها، مذكراً إيّاها، أنّ كل عائلة تجد في ذاتها نداءً ملحّاً لا يمكنها أن تتجاهله، محدِّداً لها كرامتها ومسؤوليتها، أيتها العائلة‘ “عليك أن تصبحي ما أنت”.

4- الأيّام العالميّة للشبيبة

بمناسبة إعلان منظّمة الأمم المتّحدة العام 1985 سنة الشبيبة العالميّة، توجّه البابا يوحنا بولس الثّاني برسالة رسوليّة إلى جميع شباب العالم، وأطلق في هذه المناسبة اللقاءات العالميّة للشبيبة وكان أوّل لقاء في روما من السنة نفسها في كاتدرائيّة مار يوحنا اللاتران وكان شعار اللقاء: “كونوا مستعدّين دائماً للحوار مع كلّ مَن يسألكم جواباً على الرجاء الذي فيكم” (ابط 2/15).

وكانت شبيبة العالم على موعد كلّ سنة مع البابا في بلدٍ يختاره حيث يوجّه رسالته إليهم ويلتقيهم. لقد اهتمّ البابا يوحنا بولس الثّاني كثيراً بالشباب، عرف كيف يخاطبهم، ذهب إليهم، تكلّم معهم، حاورهم حاوروه. اعتبرهم أمل المجتمع والكنيسة والأوطان.

ذكّرهم بدورهم ومكانتهم المركزيّة والجوهريّة في الكنيسة، لأنّهم يحملون عهد الشباب الزاهر الذي لا تنحصر ملكيّته في جيل معيّن، بل هو ملك البشريّة جمعاء. الشباب يجسّدون شباب الأمم والمجتمعات، شباب كلّ عائلة، شباب البشريّة جمعاء، وشباب الكنيسة.

الشباب هم معقد الرجاء لأنّهم المستقبل، والرجاء مرتبط دائماً بالمستقبل.

وبالنسبة لدعوة الشبّان والشّابات للزواج، يوكل البابا إلى الشباب، باسم الكنيسة والبشريّة، مسألة الحبّ الزوجيّ الكبير، الحبّ الذي ينهض عليه الزواج، والعائلة المقبلة، واثقاً من أنّ الشبّان والشّابات سيجعلونه من الناحية الإنسانيّة والمسيحيّة، جميلاً، كبيراً، ناضجاً ومسؤولاً.

ويدعوهم إلى اتّباع المسيح من خلال الزواج وتأسيس عائلة وهذا حدث قلبيهما العظيم. إنّ مبدأ سرّ الزواج العظيم “متأصّل في المسيح الفادي الذي، كعروس –يخاطب قداسة البابا الشبّان والشابات – وهب ذاته، وعلّم جميع الرجال والنساء أن يهبوا ذواتهم مع ملء الكرامة الشخصيّة التي لكلٍّ منكم، شاباً كان أم شابّة. إنّ المسيح يعلّمنا المحبّة الزوجيّة.

 

خاتمة

“عندما تُفقد الأسرة، ينشأ في الشخص الآتي إلى العالم نقصٌ مُقلقٌ وأليم، يكون ثقلاً على حياته كلّها في ما بعد”[13].

مستفيداً من كلّ مناسبة، واحتفالٍ وسفرةٍ رسوليّة ومن أي لقاءٍ مع رئيس دولة وخطاب أمام السلك الديبلوماسيّ، كان قداستُه يوجّه رسائل الى الكنيسة لا تخلو من التشديد على دور العائلة في بناء الإنسان وتطوّره الاجتماعيّ والروحيّ والثقافيّ والأخلاقيّ، حتّى بتنا نقول إنّه “بابا العائلات”.

شكراً لك فيوتيلا على ما قمت به في خدمة العائلات، من تسليط الضوء للدفاع عنها وإظهار دورها الأساسيّ، والدفاع بالتالي عن الحياة لأنّ مصدرها الله وهي مقدّسة.

شكراً لكَ لأنّك علّمتنا أنّ مستقبل البشريّة والإنسان والمجتمع والأوطان والكنيسة يتوقّف على نموّ العائلة، التي أساسها الزواج الصحيح بين رجل وامرأة مبنيّ على الشركة في الحياة والحبّ.

شكراً لك لأنّك أحببت العائلة، وحميتها حتّى أصبح العالم كلّه عائلةً لك.

نطلب منك وأنت في السّماء، في حضرة العائلة الإلهيّة، أيّها الطوباوي الجديد، أن تشفع بكلّ عائلة وتحميها من كلّ تفكّكٍ بشفاعة والدة الإله مريم العذراء.

[1]يوحنا بولس الثاني، “فادي الانسان”، 1979، عدد 1

[2]يوحنا بولس الثاني، “إرشاد رسولي في وظائف العائلة المسيحيّة في عالم اليوم”، الفاتيكان 1981، عدد 11.

[3]المرجع نفسه، عدد 11.

[4]المرجع نفسه عدد 86.

[5]المرجع نفسه، عدد 3.

[6]المرجع نفسه، عدد 86.

[7]المرجع نفسه، عدد 86.

[8]المرجع نفسه، عدد 73.

[9]المرجع نفسه، عدد 73.

[10]رسالة إلى الأسر، 1994، عدد 17.

[11]رسالة عامة، “إنجيل الحياة”، 1995، عدد 58.

[12]المرجع نفسه، عدد 73.

[13]رسالة إلى الأسر، 1994، عدد 2.

رحمة وبؤس رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اختتام يوبيل الرحمة 2016

رحمة وبؤس رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اختتام يوبيل الرحمة 2016

رحمة وبؤس هما الكلمتان التي يستعملهما القديس أغوسطينوس ليخبر اللقاء بين يسوع والزانية (راجع يوحنا 8، 1- 11). لم يكن بإمكانه أن يجد عبارة أكثر جمالاً وصدقًا منها ليجعلنا نفهم سرّ محبّة الله عندما يأتي للقاء الخاطئ: “بقيا وحدهما فقط: البؤس والرحمة

مغامرة الزواج حب ومعرفة ووحدة

الزواج مغامرة: في الحب والمعرفة والوحدة

شارك الأباتي سمعان أبو عبدو منسق مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدائرة البطريركية المارونية في دورة الإعداد للزواج في أبرشية صربا المارونية، وشدّد على أن الزواج مغامرة أبطالها ثلاثة: الشاب والفتاة، ويكون فيها يسوع المسيح الشخص الثالث؛ هذه الثُلاثيّة تصبح عربونَ ولادةٍ لثالوثيّة أخرى مطابقة لها، بين الرجل والمرأة والولد، ويكون الولد صورةً حيّة للحبّ في أبهى معانيه. إنّ الانفتاح على حقيقة الله يمكّن الإنسان من تحقيق حياته بملئها، لاسيما الحياة الزوجية والعائلية.

ونوه الأباتي بدور العائلة المسيحية الذي يتمحور حول أربعة أهداف: “إنشاء شركة أشخاص دائمة، خدمة الحياة، المساهمة في تطوير المجتمع، والمشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها”.( البابا يوحنا بولس الثاني، “إرشاد رسولي في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم”، الفاتيكان 1981، عدد 17).

صربا في 23/1/2017